الأولىمقالات

ثقافة الولاء والخنوع: من التزلف الى ” الطحين” و ” القوادة”. بقلم. عبدالسلام بغوري

ثقافة الولاء.

 

التزلف  او ” التمسكين” و ” ضرب البندير” سلوك شائع لدى العامة والخاصة لا تسلم منه كل الفئات الاجتماعية يعشش في القرى والمدن, في المدارس والجامعات , في النقابات والاحزاب بمختلف اهوائها  الفكرية والإيديولوجية ينتعش ويعم كالنار في الهشيم لما يسود التسلط والفساد ويصبح التسلق في الرتب والمناصب والسعي المحموم للوجاهة قيمة بذاتها ولذاتها تداس من اجلها كل القيم والاعراف.

وقد تستدرج هذه الافة كل المتسلقين  وعديمي الضمير من ساسة ومثقفين مزيفين وكلاب حراسة  الى سلوك اكثر بشاعة ووضاعة يطلق عليه ” الطحين” بمعناه التونسي وليس بمعناه السوري اين يكون الطحان رجلا شريفا يعمل بكد على الاشراف على طحن الحبوب لتصبح طحينا يعجن منه رغيف حلو المذاق. في حين ان ” الطحين” في تونس المحروسة يشي بسلوك وضيع يعرض بمقتضاه اشباه الرجال  كرامتهم للمقايضة والبيع مقابل وعد بتسوية وضع اجتماعي او انتظار للحماية واحينا للحصول على بعض الفتاة يكفي بالكاد لتوفير رغيف مر كالعلقم…واحيانا اخرى مقابل لا شيء…لا شيء…هكذا لمجرد الاحساس الداخلي انه يدور في فلك “المطحن” اليه والاطمئنان لحمايته المفترضة.  

ولئن كان من المفيد التعريج على دلالات الاختلاف بين ” مفهومي” “الطحين السوري” و”الطحين التونسي” وشروط انتاجهما الاجتماعي ومسار الانزياح الدلالي ل” الطحين” فإننا سنترك جانبا هذا المبحث “الاناسي”  او الأنثروبولوجي الى حين في انتظار ان تتوفر لنا  ما يكفي من الاثباتات والحجج  لرسم صورة واضحة المعالم حولهما.

ذلك ان ما يهمنا ,الان وهنا, الاشارة اليه ان الطحان مرشح- والامر لا يشمل الجميع طبعا- ان يرتقي ” الطحان” الى مرتبة ” القواد”. لا بمعنى الوشاية و” الصبة” فقط بل بمعنى التكسب من وراء اقتياد الزبائن من ذوي الوجاهة والمال  الى بيوت تنصب فيها الاقداح وتعرض فيها الاجساد للشهوة واللذة…الى حد ان البعض تقوده الخساسة وتعمي بصيرته فيقود – يقتاد زبائنه الى بيته وحرمه…..سلوك  تضرب جذوره في اعماق التاريخ وهو يتجدد باستمرار ويأخذ في ايامنا اشكالا براقة الا انها لا يمكن ان تحجب خساسة الطحان والقواد.

رحم الله العالم الجليل والقاضي الشيخ احمد التيفاشي صاحب كتاب ” نزهة الالباب فيما لا يوجد في كتاب”  الذي وثق لنا بأسلوب شيق   ” طبقات القوادين والزناة واللواطيين والساحقات واساليب عملهم …الى حدود القرن السابع هجري.

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى