
نورالدين الخبثاني: انتروبولوجيا ضفيرة الشعر النسائي…..
انتروبولوجيا ضفيرة الشعر النسائي من خلال ثنائية:عشتار، ديميتير-آنو، زيوس
» وانا قبلت « ريتا
عندما كانت صغيره
وانا اذكر كيف التصقت
بي، وغطت ساعدي أحلي ضفيره
وانا اذكر ريتا
مثلما يذكر عصفور غديره
آه ريتا.. »
_____
مثل ضفر شعر المرأة ظاهرة لافتة عبر التاريخ البشري الطويل. فقد ظهرت أولى أشكال « العناية » بشعر المرأة بضفره وضبط شكله لأول مرة في بلاد الرافدين لغايات جمالية وعملية، على وجه الاحتمال. ويبدو العملي على ارتباط بالشغل عامة و الشغل المنزلي خاصة، بعد أن اتضح تقسيم الأدوار الجندري (تفادي سقوط الشعر في الطعام مثلا). بينما كانت كاهنات المعبد العشتاري المنذورات للبغاء المقدس-باعتباره أنبل أشكال العبادة-تحافظن على شعرهن حرا طليقا.
وقد كان الاغريق هم أكثر من نشر في العالم المتوسطي أبرز طرق و أشكال ضفائر الشعر النسائي. و كان لهذه الظاهرة معنى مزدوجا،فهي تدل في الآن نفسه على احتشام المرأة و اناقتها و جمالها و مركزها الاجتماعي الراقي، و لكنها أيضا علامة على ضبط شرورها « الطبيعية » و ما الضفائر سوى افاعي عشتار – ديميتير المروضة- المقيدة.
هذا و قد كان لطريقة تصفيف الشعر عامة دورا رمزيا هاما عبر التاريخ، لجهة تصريف الجدل بين الحرية و الاضطهاد و كذلك للتأشير على الفرز الاجتماعي، و لعل من أبرز الظواهر و الأحداث التي ارتبطت بهيئة الشعر و شكل تصفيفه: تصفيفة جان دارك، شعر الغجرية، شعر اتباع حركة « الهيبيز »، ضفائر عشاق بوب مارلي و غيرها…
هذا وقد ميز تصفيف الشعر لدى حكام مصر القدامى -الفراعنة – بين تسريحة للمرأة بإنزال جديلتين منتظمين على صدرها و تسريحة الرجل بتوجيه الشعر منتظما نحو الخلف مع تتويج كليهما بعلامات السلطان و القداسة الخاصة به من خلال ثنائية إيزيس-رع. أما الارستقراطية الاوروبية فقد جعلت من الشعر الاصطناعي الابيض »الباروكة » علامة للحكمة والنضج و دليلا على انتماء حاملها لأعلى المراكز السياسية و الاجتماعية.
و لا يزال اشقاؤنا المصريين يقولون عن الفتاة او المرأة التي هم غير راضين على سلوكها، و غير المتبعة للتقاليد المحافظة، و هم ينظرون لها على كونها فاسدة الاخلاق(عاهرة) « البت ماشيه على حل شعرها »…ليظل التعامل مع الضفيرة يراوح بين تقييد الحرية و اطلاقها!!!
أولم يكن على الشاعر محمود درويش ان يحل ضفيرة ريتا، قبل أن يعلو بينهما… صوت البندقيه؟؟؟؟